روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | أخي.. قف وحاسب نفسك!!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > أخي.. قف وحاسب نفسك!!


  أخي.. قف وحاسب نفسك!!
     عدد مرات المشاهدة: 2977        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه... وبعد:

لماذا المحاسبة؟!

لأن الله جل وعلا دعا إلى ذلك وحث عليه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

فالمؤمن الصادق قوّام على نفسه بالمحاسبة والعتاب يحاسب نفسه على خطواته ولفظاته وخطراته، لأنه يعلم انه موقوف بين يديّ الله غدًا يوم القيامة ومسئول على أعماله وأقواله وجميع أحواله فعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، وماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم».

* أخي أليس من السلامة والنجاة أن يحاسب العبد نفسه في الدنيا فينهاها عن غيّها ويرغبها في خيرها قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنونٌ إلا من أتى الله بقلب سليم.

* أخي... تأمل في الواقع من حولك.. فما حال الناس عنا ببعيد!

كم شابًّا طرقه داعيَّ الموت وهو في عنفوان شبابه، وكم من عاصيًا أخذه الموت على غرة وهو ساهٍ لاهٍ في شهواته، وكم سمعنا من حالات الموت المفاجأة.. فذاك مات في حادث، والآخر بنزيف داخلي، وغيرها من الأمراض التي نسمع عنها كل يوم ويذهب ضحيتها كثير من الناس وإذا تأملت في أحوال الموت وفجاءته... أدركت قيمة محاسبة النفس وإنها من أعظم أسباب النجاة لأنها توطن المرء وتجله مستعدًّا للحساب وتدفعه إلى التوبة والرجوع إلى الله قبل فوات الأوان.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوها قبل أن تُوزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تُحاسِبوا أنفسكم اليوم وتَزينوا للعرض الأكبر.

{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: 18] رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

وقال الحسن: إن العبد لا يزال بخير ٍ ما كان له واعظ ٌ من نفسه وكانت المحاسبة همته.

واعلم أخي الكريم: إن المحاسبة هي صفة عباد الله المتقين، لأنها معينة على ملازمة الطاعة واجتناب المعصية وداعية إلى الاستزادة من الخير وتلك هي أركان التقوى.

قال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقيًّا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك الشحيح لشريكه ولهذا قيل النفس كالشريك الخوّان إن لم تحاسبه ذهب بمالك.

كيف تحاسب نفسك؟

ولا شك أن المحاسبة هي مراجعة مدى الالتزام بشرع الله جل وعلا ومدى التقصير في أداءه بدءًا بالأهم قبل المهم ومدى المساس بمحارمه التي نهى عنها ومن ثم فعليك أخي الكريم محاسبة نفسك كما يلي:

1- أن تحاسب نفسك عن أداء الفرائض وأهمها الصلوات.

2- أن تحاسب نفسك على اقتراف- ارتكاب- السيئات وكافة المناهي.

3- أن تحاســب نفــســك عــلـى الغـفلـة عـن الإقـبـال إلـى الآخـرة.

4- أن تحــاســب نفــســـك عـلـى حـركــات الجــوارح.

واعلم حفِظك الله أنك إذا داومت على محاسبة نفسك على هذا المنوال فإن ذلك سيُثْمِر لك من الفوائد ما يصلح به شأنك ويعلو به قدرك.

كان توبة بن الصمة من المحاسبين لأنفسهم فحَسَبَ يومًا فإذا هو ابن الستين سنة فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف وخمسمائة يوم، فصرخ وقال: (يا ويلتي أَلقى ربي بأحد وعشرين ذنب ٍ؟! كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب! ثم خرّ مغشيًّا عليه، فإذا هو ميت. فسمعوا قائلًا يقول: يا لكِ ركضة إلى الفردوس الأعلى).

وقال مالك بن دينار: رحِم الله عبدًا قال لنفسه ألست ِ صاحبة كذا وكذا ثم ذمها ثم خطمها ثم ألزمها كتاب الله عز وجل فكان لها قائدًا.

أسباب معينة على المحاسبة:

ومما يعين على محاسبة النفس:

1- أن يعلم العبد أن محاسبته لنفسه اليوم راحة له من الحساب غدًا يوم القيامة وكلما أهملها اليوم أشتد عليه الحساب غدا.

2- أن المحاسبة لا تدل على الخير فهي نفع حاصل باليقين؛ لأنها طريق الآخرة أما تَرْكُها فهو غفلة قد تجرّ إلى الهلاك.

3- الاطلاع على أحوال السلف مع محاسبة النفس فإن ذلك من أهم ما يوقظ الهمة على سلوك هذا الطريق.

4- صُحبة الأخيار ومجالسة الصالحين الذين يُحاسبون أنفسهم فإن صحبتهم تدل على طباعهم الخيّرة وتُوّرثها في النفس.

5- زيارة القبور والإكثار من ذكر الموت، فإن ذلك تذكير ووعظ للنفوس بحثها أيما حثّ على محاسبة النفس ومخالفة الهوى.

6- التفرغ للعبادة والمداومة على ذكر الله والاستزادة من الخير فإن هذه الأمور تنور القلب وتجدد فيه روح الخوف والمحاسبة.

7- البعد عن أماكن اللهو ورفقاء السوء فإنهم يُشغِلُون النفس بالسفاسف والمغيرات فتَمَلَ وقتئذٍ الملامة والحساب وتَسْتلِذ المعاصي فيَصْعُبُ على المرءِ الرجوعِ والإقلاع ِ عنها.

فافعل أخي الكريم بهذه النصائح واعلم أن نتائجها وحصادها يانع بإذن الله يوم تلقاه، قال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 30].

الكاتب: د. محمد بن عبد الرحمن العريفي.

المصدر: موقع المنبر العلمي.